لأنك ابتعدتِ عن مركزك.
لأنك لم تعودي تميّزين ذاك الصمت الذي يُحادثك في كل لحظة.
لأن ضجيج العالم من حولك، وضجيج عقلك، قد غطّى على الصوت الوحيد القادر على إرشادك: صوت كيانك الحقيقي.
هناك لحظات نشعر فيها وكأننا لم نعد نعرف شيئًا.
تزداد الاضطرابات حتى تبدو الأمور مشوَّشة، وكأن شيئًا في داخلنا ينهار.
لكن هذا الشيء… لم يكن يومًا “الذات الحقيقية”.
إنه “الذات الزائفة” التي تفقد السيطرة… لأنها لم تعد قادرة على التحكم.
فتبدئين بالبحث عن سبب.
تتعلقين بأشخاص، بأحداث، بتجارب، وتقولين: “ربما هي تلك العلاقة… أو ذلك القرار… أو تلك الغلطة”.
لكن الحقيقة… لا شيء من ذلك هو السبب.
فالمسألة ليست أبدًا “الآخر”.
إنما هي نورك الداخلي الذي لم تعودي تسمعينه.
وهذا الشعور بالضياع… ليس عقابًا.
إنه فعل حب.
آلية مقدسة تخلقها روحك حتى تُبطئك، وتمنعك من التحرك بدافع الخوف أو الذكريات أو الأنا.
عندما يضطرب الذهن، فليس هذا وقت الفهم.
ولا هو وقت التحليل، ولا اتخاذ القرارات، ولا حتى المقاومة.
بل هو وقت التوقف…
والتنفس من كينونتك.
ليس عبر الرئتين، بل عبر الحضور.
تنفّسي ذلك السلام الذي لا يعتمد على شيء، ولا يطلب شيئًا.
تنفّسي… حتى لا تعودي بحاجة للبحث.
أنت لستِ ضائعة.
أنت فقط واقفة على الحدّ الفاصل بين المعلوم والمجهول.
وما يخيفكِ هو أن هذا الحدّ يطلب منكِ التخلّي.
التخلي عمّا ظننتِ أنكِ عليه.
التخلي عن الحاجة إلى الفهم.
التخلي حتى عن الحاجة إلى النجاة.
الكون لا يريدك في حالة “ردة فعل”.
الكون يريدك في حالة “خلق”.
ولكي يحدث ذلك، لا بد أن تعودي إلى ذبذبتك الأصلية.
إلى من أنتِ، قبل الخوف، قبل الألم، قبل الحاجة.
فلا تتحركي.
لا تقرري.
لا تحكمي على شيء.
ولا تحكمي على نفسك.
اسمحي للنور أن ينزل.
اسمحي لنفسك أن تُخترقي بما هو أعظم منكِ…
لأنكِ لستِ مَن يجب أن يجد الإجابة،
بل الإجابة هي مَن يجب أن تجدك.
ولا يمكنها أن تفعل ذلك… إلا إذا كنتِ فارغة:
فارغة من الإرادة الشخصية،
فارغة من رغبة التحكم،
فارغة من الإلحاح.
تذكّري:
الصمت ليس فراغًا.
بل هو الحاوي لكل شيء.
وفي هذا الفراغ… تولد الرؤية.
لا في التوتر.
تنفّسي هذه الحقيقة.
تنفّسي هذا السلام الذي لا يتوقف على نتيجة.
وستَرَين…
ستَرَين أنكِ لم تكوني تائهة.
ستَرَين أن النور كان هنا منذ البداية.
ستَرَين أنه كان “أنتِ” منذ الأزل.
لكن… لذلك لا بد من الاستسلام.
والثقة… في الصمت.
اترك تعليقا
You must be logged in to post a comment.