صديقي/صديقتي،

نسمع كثيرًا اليوم عن “التطهير الطاقي” من خلال مقاطع الفيديو، أو الطقوس السريعة، أو الوصفات التي تعد بتنظيف كل شيء في لحظة. لكن الحقيقة أنّ معظم هذه الممارسات تبقى محصورة في حدود العقل. وطالما نحن أسرى العقل، فإننا نظل عالقين في الوهم.

الوعي الفائق لا يعني تكديس المزيد من التقنيات أو إثقال الذهن بالأفكار. بل هو تهدئة ضجيج العقل، والنزول أعمق، لنسمح لذلك الاتصال بجوهرنا السماوي أن يطفو إلى السطح. إنّ الوعي الحقيقي لا يولد من الدماغ، بل من الكينونة الداخلية.

ولهذا، لا يمكن لأي تطهير سطحي أن يُحدث تحولاً حقيقيًا. إشعال البخور أو تكرار الطقوس مع البقاء متشبثين بالعقل، لا يتجاوز السطح. وحده الوعي الفائق هو الذي يمكّننا من تخطي المظاهر، ورؤية ما هو غير منظور، وملاقاة ظلالنا وفهم رسائلها.

هنا يكمن الشفاء العميق (Metahealing): في مواجهة تلك الأجزاء من أنفسنا التي نهرب منها. وكما في الطب، فإنّ إخفاء الأعراض لا يكفي. فطالما لم نصل إلى الجذر، تبقى العلّة قائمة. كثيرون يجوبون العالم بحثًا عن التشخيص الصحيح؛ لكن طالما يلجأون إلى ممارسين لا يرون سوى السطح، فلن يجدوا السبب. وكذلك الأمر مع الروح: وحده الوعي الفائق يكشف الخفي ويفتح الطريق نحو الشفاء الحقيقي.

لهذا لا يمكننا أن نرافق الآخر إلا انطلاقًا من هذا الفضاء. فبدون الوعي الفائق، نحن فقط نلعب لعبة الروحانية. واللعب بالطاقة أمر خطير. لكن انطلاقًا من الوعي الفائق، يمكن للظل أن يُعترف به أخيرًا ويُحوَّل.