في يوم الصداقة العالمي، دعوة لاستعادة الكينونة التي نحن عليها

هل سبق أن شعرت بأن “الآخر” لم يكن يومًا موجودًا إلا في داخلك؟

أن الصديق، في فرحه أو خيانته، لم يكن سوى انعكاسًا، ذبذبة من مسرح وعيك تُعرض لتريك أين وصلت في علاقتك مع نفسك؟

الصداقة ليست رابطًا بين شخصين.

إنها مرآة طاقية، تردد لا يتحدث أبدًا عن “الآخر”، بل عن مدى تعرفك على ذاتك من خلاله أو غياب ذلك.

هذه هي الصداقة الحقيقية: كاشفة لمستوى توحّدك الداخلي.

 ما هي الصداقة إذا لم يكن الآخر سوى انعكاس؟

ما تسميه صديقًا أو صديقة، ليس شخصًا، ولا مصدرًا خارجيًا للحب.

إنه ذبذبة استدعيتها إليك لتعكس لك طبيعة علاقتك بأنوثتك، برجولتك، بمركزك الداخلي.

الصداقة التي تعيشها، هي دائمًا نتيجة لصدى هويتك الحالية.

تظن أنك تحب الآخر، لكنك في الحقيقة تحب أو ترفض إسقاطًا منك عليك.

فاسأل نفسك السؤال الحقيقي:

هل تحب الآخر كامتداد حر لوجودك؟ أم كضمادة تخفي بها خوفًا لا تودّ أن تراه؟

 كل علاقة تكشف مستوى وعيك

أنت لا تلتقي بأحد صدفة.

كل صداقة تدخل حياتك كموجة كشف.

أحيانًا، تتعلق بمن يشاركك جراحك، ظنًا أن القرب دليل محبة.

لكن هذا الجمود ليس إلا مرآة لرفضك النمو.

وأحيانًا، تدخل ذبذبة أعلى في شكل صديق يُربكك، يهزّك، يصطدم بصورتك عن نفسك، لأنه يوقظ فيك نداء الذات.

وهنا، يكون لديك الخيار: تقاوم، تهرب، أو تنفتح.

 الصديق الحقيقي هو رفيق روح

عندما يتسع الوعي، تتغير طبيعة الصداقة.

لا تعود هروبًا أو حاجة، بل تصبح مساحة تَناغُم مشترك.

الصديق الحقيقي هو من:

  • لا ينتظر منك شيئًا، لأنه يراك خارج الأفعال
  • لا يحتاج أن يفهمك، لأنه يَشعرُك
  • لا يحاول أن يُمسك بك، لأنه يعيش في الوحدة
  • وحتى في غيابه، يبقى يهتز داخلك، لأنه لم يكن يومًا خارجك

هو ليس أحدًا.

هو حضور، تذكير بما أنت عليه فعلًا.

 تأمل داخلي في هذا اليوم:

لا تسأل من أحبك.

بل اسأل نفسك:

  • من لامس حقيقتي؟
  • من أظهر لي تعلقي، وجراحي غير المندمجة؟
  • ومع من أستطيع اليوم أن أقطع قيود التوقع، لأفتح مجال حرية المحبة؟

حتى أولئك الذين غادروا، أو جرحوا،

جاؤوا ليحرروك من وهم النقص، ويعيدوك إلى كمالك.

 الصداقة الحقيقية لا تُقاس بالزمن…

بل تُقاس باليقظة إلى الذات.

لا تُقاس بكمية الحضور، بل بجودة الذبذبة المتبادلة.

ليست رباط تعلق، بل شركة صامتة بين انعكاسين لنفس الواحد.

في هذا اليوم العالمي للصداقة، لا تحتفل بالأشخاص.

احتفل بما كشفوه فيك.

وقدم لنفسك أعظم الهدايا:

أن تصبح صديقك الحقيقي.

فمن وجد نفسه، لم يعد بحاجة أن يُحب لكي يُحب.

وفي تلك الحرية… يصير الآخر مقدّسًا.

ندى رشيد