رحلة التخلّي عن الفهم، واكتشاف الذات من خلال التجربة
في مسار الوعي، كثيرًا ما نعتقد أن علينا أن نفهم، أن نحلّل، أن نُمسك بخيوط كل ما يحدث. لكن الحقيقة أن ما نعيشه، خاصة ما يتكرّر أو يُثير داخلنا انزعاجًا، لا يأتي لنعالجه أو نتحكّم به… بل ليُوقظ فينا شيئًا أعمق.
كل تجربة تهزّنا من الداخل، هي بمثابة اختبار طاقي.
اختبار ليس للحكم علينا، بل ليعكس لنا أين نحن من أنفسنا.
مقدار السلام أو التوتر الذي نشعر به تجاه ما لا يمكننا التحكّم فيه، هو المعيار الحقيقي لوعينا.
ليس ما يحدث هو المهم،
بل كيف نتفاعل معه في العمق.
هل نُقاوم؟ نحاول الفهم؟ نُبرّر؟ نتوقّع؟
أم نسمح لما هو أن يكون، بثقة ورضى داخلي؟
أحيانًا، نظن أننا “تخلّينا”،
لكن العقل يلبس أحيانًا قناع الروحانية.
فنعتقد أننا في حالة تسليم،
بينما ما زلنا نبحث عن إجابة، أو نفهم السبب، أو نتوقّع الخطوة القادمة.
ذلك هو التحكّم المتنكّر:
الأكثر خفاءً، والأصعب كشفًا.
التحرر الحقيقي لا يأتي من قرار واعٍ بعدم التحكّم،
بل من شعور داخلي عميق أن لا حاجة للفهم الآن.
أن كل شيء يحدث في توقيته، حتى وإن لم نرَ الصورة كاملة بعد.
أن ما يحدث ليس خطأ، بل جزء من انكشاف الذات لنا.
في لحظة الصمت، بعد كل المحاولات،
حين لا يبقى شيء لنفهمه أو نفسّره،
يبدأ ما هو أعمق بالظهور.
فقط حينها، نبدأ نُدرك أننا نتطوّر فعلاً.
أن الحياة لم تكن تعاكسنا، بل تقودنا برفق نحو مركزنا الحقيقي.
تنفّس… راقب… دع الأمور تمرّ.
وثِق بأنك، حتى في غموض اللحظة،
في المكان الصحيح تمامًا.
اترك تعليقا
You must be logged in to post a comment.